لماذا لم يركن «الرئيس» ضهره ؟
لفت انتباهى بشدة تلك الطريقة التى جلس بها الرئيس على الكرسى فى حضوره نشاطين خلال الأسبوع الماضى، وهما تخريج مقاتلين جدد من الكليات العسكرية والشرطة المدنية، وافتتاح محطات كهرباء جديدة وصفت بأنها الأهم والأكبر فى منطقة الشرق الأوسط حيث ظهر متقدما بجسده تاركا ظهر الكرسى فى فراغ واضح ما بين ضهر الكرسى وضهر الرئيس..
تلك اللغة الجسدية لم يقف أمامها أحد ممن يتشدقون بتلك اللغة ودلالتها - ولكن بالنسبة لى لدى تفسير واضح خاضع للشكل المعرفى لتلك الأنشطة على وجه الخصوص حيث كان مزهوا بالإنجاز قلقا على التنفيذ فكان مترقبا بدقة للتأكد من أن ما وجه بأهمية وجوده قد حدث وهذا ما جعله مندفعا بجسده للأمام وهى حركة لا إرادية تعبر عن الاهتمام الشديد والحماس.. وربما يتساءل البعض: ما الذى يقلق الرئيس فى تخريج ضباط جدد حدث كثيرا وهو حفل تحصيل حاصل؟ والحقيقة أن هذا الحفل مختلف من حيث الكيف ودلالاته متعددة أولها أن تعدد حفلات تخرج الكليات العسكرية كل على حدة تم إلغاؤه من العام الماضى فصارت حفلًا واحدًا والأسباب خفض التكلفة التى كانت تنفق على عروض كل كلية منفصلة (حربية- بحرية- جوية- دفاع جوى) واستخدام المعدات العسكرية وتحريكها مكلف وكان يحدث هذا من قبل لأننا لم نكن نخوض معارك قتالية فكان تحريك المعدات العسكرية من كل الأسلحة نوعًا من التدريب وإثبات كفاءة جهوزيتها بجانب التدريبات المدرجة فى الخطة السنوية للقوات المسلحة وأيضاً المناورات التى كنّا نجريها مع الدول الصديقة والشقيقة فكانت احتفاليات الكليات العسكرية تقوم بعرض الأسلحة والمعدات والطائرات وأنظمة الصواريخ المستحدثة التى ضمها جيشنا إلى صفوفه، وكان هذا العرض بمثابة إعلان وطمأنة الشعب بما يملكه الجيش من تدريب وسلاح.. أما الآن ولدينا جبهات قتال مفتوحة مع العدو المستحدث (الإرهاب) والتوتر على كل الجبهات الحدودية نتيجة ما آلت إليه دول الجوار الشقيقة من صراعات ونزاعات وتمزق سياسى وعسكرى تجعل معداتنا العسكرية فى وضع الاستعداد والجهوزية لحماية السيادة المصرية وأمنها القومى.. إذن تحريك هذه المعدات للمشاركة فى عروض ليس مكانه الآن- الوضع الدفاعى اختلف..
ومن ناحية أخرى، فإن الرئيس أولا بأول يطلع الرأى العام على مستجدات التسليح بجيشنا فى كل أفرعه الرئيسية، ولكن بقى شىء وهو المهارات القتالية الفردية التى تستلزمها أشرس حروب القرن الحادى والعشرين (الحرب على الإرهاب) الذى تدرب فى معسكرات عالمية على هذه الحرفية وهو ما جعل عرض الحفل يشمل ما تم إضافته لمقاتلينا بهذا الخصوص عندما شاهدنا فنون قتال خالية من السلاح بمعنى اختباء الإرهاب الجبان بين جنبات الجبال والمضايق وهذا يستلزم مواجهته باليد والأسلحة المحمولة كتفا وربما يجد المقاتل بأن عليه جر حمل ثقيل من معدات الإرهاب وإخراجها من مخبئها، وهذا ما ظهر فى الحفل عندما تم جر حمل ثقيل بواسطة جنزير مثبت فى الرقبة واستخدام مدرعة صغيرة الحجم (المدرعة ١١٣) ومهارة استخدام القنابل اليدوية بحرفية حرب المدن وإضافة وسيلة جديدة أجدها ذات دلالة وأهمية وهى (الموتوسيكل المدرع) وهى مهمة جدا لحرب الإرهاب فى الشوارع الذى يستخدم تلك الوسيلة لتنفيذ جريمته والهروب سريعا إلا أن الموتوسيكل الذى يستخدمه مقاتلونا مزوّد بتسليح أكثر فاعلية وجهوزية وهى غير متوفرة للإرهابيين، من هنا كان الرئيس يتقدم بجسده تاركا ظهر الكرسى لحماسه الشديد ومراقبته لاحترافية المقاتلين فى مجابهة عمل إرهابى حتى إن مذيع الحفل قال إنها رسالة من المقاتلين الجدد إلى أبطال العملية سيناء، فى إشارة لانضمام عناصر جديدة وفنون قتال جديدة أيضا، وكان هناك شىء آخر غاية فى الأهمية فى هذا الحفل المجمع وهو العمل المشترك بين الجيش والشرطة الذى افتقدناه طويلا وأعيد تصحيح مساره بعد العمل الإرهابى فى حادثة (الواحات)، من هنا كان قلق الرئيس واندفاع جسده للأمام ليتأكد أن ما أراده قد تم بمهارة واحترافية.
ويبقى حدث افتتاح محطات الكهرباء الكبرى تلك الشبكات التى بنجاحها يحدث شيئان الأول أن تتم المراحل الأخرى لربط تلك الشبكة دوليا، والثانى طمأنة سكان المدن الجديدة وعلى رأسهم العاصمة الإدارية الجديدة أن كل شىء محسوب حسابه بدقة وليس المهم الزج بالناس إلى هناك ولكن الأهم أنه لن تنقصهم الخدمات الأساسية واللازمة لمعيشتهم بشكل لائق ودقيق.. ولذا لم يسند الرئيس ظهره على الكرسى لأنه لن يرتاح إلا بتنفيذ ما وعد الشعب به، ولذلك قال مرتجلا بلغة عامة المصريين الذى يريد توصيل الرسالة لهم (اصبروا وستروا عجب العجاب).